أسرى الجولان .. بطولة وتضحية .. وتجاهل وطن

بقلم : سميح ايوب
ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان...بل بالفكر والعمل والمبدأ والانتماء لقضية..
لشعب..لتاريخ..ووطن.
هذا ما شهدته المسيرة الانسانيه وعلى مر التاريخ.وشتان فرق بين النور والظلمة أو
العلم والفكر النابع من وعي مكتسب من خلال التربية من جهة أو بين الجهل الذي فرضته
ظروف الحياة من فقر مدقع أو استعمار مهين كما حصل في القارة الهندية إبان سنوات حرب
الأفيون .
شاءت الأقدار لنا نحن أبناء الجولان أن تعصف بنا رياح الزمن القاهرة لنعيش تحت
سيطرة احتلال لأرضنا وإبعادنا عن الوطن الأم فابعد الأخ عن أخيه والابن عن أهلة
وأرضة . ولكن الوطن الذي عشقناه بتاريخه وحضارته وشعبة نادى فلبى كل شريف النداء .
كيف لا وقد تعلم الانتماء من خلال مسيرة الأجداد ودروس التربية الوطنية وقصص أمجاد
المجاهدين إبان احتلال عثماني وأخر فرنسي ، فكان تواصل الرعيل الأول من رواد حركتنا
الوطنية مع الوطن بعد الهزيمة بعدة أيام . فحرب الأيام الستة السريعة خلقت صدمة
للسكان كصدمة الأمة بأسرها . وبدأ شبابنا بتشكيل مجموعات بشكل تنظيمات سرية بمقاومة
الاحتلال من خلال الكلمة والبندقية بالرغم من قلة العدد والعدة وعدم وجود ظروف
للكفاح المسلح عدا بعض المناوشات الفردية ضد دوريات الاحتلال والسبب معروف .... فما
زالت القيادة تعيد تنظيم الجيش المهزوم وغارقة في هول الصدمة وإقامة مخيمات لالاف
النازحين الجدد والعمل على رعايتهم بمسكن ومأكل وملبس .
اندفع رجال الحرية الجولاني لخدمة الوطن... في حين تواجد قلة تنفست الصعداء بعد
التخلص من الحكم ألمخابراتي، الذي كان يديره أفراد افرغوا كراهيتهم وحقدهم بظلم ضد
مستضعفي شعبهمـ باسم الآمن تارة، وجغرافية المكان تارة أخرى . فبقيت أسماء هؤلاء
تتردد على السنة البعض باستهزاء كاستهزاء ظلمهم واستهتارهم بمعنوية الإنسان وحياته
.
عشرات الشباب هبوا للدفاع عن الوطن وحمل السلاح، بتحد وإيمان ولكنهم سرعان ما
تحولوا للعمل ألمخابراتي، وبأمر من قسم الاستطلاع . فبرعوا أيضا بعملهم ... نقل
معلومات عن تحركات العدو ومخططات معسكراته والتي كان لها إيقاعها في انتصار حرب أل
73 .... وافشلوا مشاريعهم وخطتهم التي كان على رأس أولوياتها فكرة إقامة الدولة
الدرزية (الحزام ألامني للدولة الصهيونية ). وإفشال اغراءات الاحتلال بفرض الجنسية
الإسرائيلية وغيرها .
إبان هذا المعترك السياسي المقاوم بدأت مرحلة الاعتقال، ورحلة العذاب في المعتقلات
بعد كشف سر المقاومين . بدأت بأفراد ثم عشرات واستمرت لمئات الأسرى حيث طالت كل بيت
وأسرة . كانت الأحكام جائرة بحق المناضلين ولكن السجن كان بمثابة مدرسة علمية
وثقافية وخاصة الثقافة السياسية . والاحتفاظ بمعنويات عالية وانتماء أعمق .
سنوات عذاب طوال عانى منها المعتقل خلف القضبان وأهلة واقاربة خارجها ... اختلفت
سنوات الاعتقال بين فرد وأخر ولكن في المحصلة هو مناضل هو أسير هو رمز العطاء
والانتماء .
استمرت المعركة وتوالت قوافل الأسرى المعتقلين واحدة تلو الأخرى وبنفس الوقت توالت
مسيرة التحرر من الأسر بعد قضاء مدة الحكم ولكن أسمائهم طويت في صفحة النسيان بوطن
طالما احبوة وقدموا من أجلة الغالي والنفيس وحتى لو كانت الحياة نفسها ودماء
شهدائنا تشهد على ذلك . فهل هذا جزاء من احترف التضحية والعطاء . خرج العديد من
أسرانا تاركين المعتقل مكتسبين الوعي والثقافة ليصبحوا معلمين في السياسة وتوعية
الجماهير ويعودون إلى المعتقل ثانية وثالثة وكأنهم امتهنوا النضال وجعلوا لاولويتة
أفضلية عن حياتهم الشخصية أو الاقتصادية . وما زال هناك معتقلات وزنازين يقبع بها
أسرانا الأبطال واللذين نستطيع تصنيفهم بالشهداء الأحياء أو شهداء مع وقف التنفيذ
ولنا من هايل ... سيطان ... وبشر ...وصدقي ... وعاصم وغيرهم عبرة .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا قدم الوطن لمناضليه ... فمنهم من الم به مرض داخل
المعتقل ومنهم قضى نحبه، وآخرون يعيشون حياة البؤس والفقر يحاولون اللحاق بركب
الحضارة أو العلم، ولم تسنح لهم ظروفهم المادية أو الأمنية من ذلك .
فتوقف الزمن عندهم وتوقفت مسيرة حياتهم ليصارعوا من اجل لقمة العيش الشريف.
فهناك من يعمل عنوة يصارع المرض وقسوة الحياة .
ويتحفنا الوطن بين فينة وأخرى برسالة لمعرفة أسماء الأسرى وسنوات اعتقالهم ويجتهد
بعض الموالين لفرع أو لشخصية مسئولة للاستفسار والدراسة وكتابة أسماء ونسيان أخرى
وإرسالها وعمرهم لا يتجاوز عمر الاحتلال . فهل هذا نوع لرفع معنوية الأسرى أو منحة
وطنية لمجتهد أو إيجاد أزلام لمسؤول أو فرع .
وتجاهل رعيل المناضلين من رواد الحركة الوطنية واللذين قاسوا الأمرين في الحياة
مرارة المعتقل ومرارة المعيشة ولكن نقاوة ضميرهم بمثابة وسام شرف يعلق على صدورهم .
الم يكن أحرى بالتوجه لمنظمة الصليب لاحمر لمعرفة الأسماء دون انتقاص من حق أي
مناضل ودون هذا العناء أو الدخول لموقع الجولان للتنمية"جولان
دوت اورغ " بتواضعه ومصداقيته وجعله مرجعية لنقل أسماء المعتقلين.
إلا يوجد حق للمعتقلين باعتبارهم جنود متقاعدين يستحقون الدعم المعنوي والمادي،
بأرشفة أسمائهم بتاريخ مناضلي هذا الوطن ودعمهم اقتصاديا لمتابعة القضايا السياسية
بتفرغ، وهم جنود الوطن خلف خطوط العدو .
ألا يحق لكل أسير وسام حرية أو وسام أسير ولكنة في المحصلة وسام وطني تقديرا
لاعمالة وعطاءه والدخول في تاريخ مناضلي الوطن الأبطال .
ألا يحق لأسرانا فرز منح علمية لإتمام تعليمهم أسوة برفاق صفوفهم وخاصة بعد
اكتسابهم ثقافة ووعي لا يستهان به داخل المعتقلات .
إلا يحق لأسرانا فرز مخصصات تقيهم العوز والفاقة والابتعاد عن القروض ومعاملة
البنوك لبناء حياة لهم ولأبنائهم تكللها السعادة لا الذل والحاجة .
ألا يحق لهم الشعور بتكريم الوطن لهم كما يكرم المجاهدون بجميع أصقاع الأرض والعيش
بكرامه بعد كل هذا العطاء.
إلا يحق لهم تأسيس لجنة دعم اسري حكومية نزيهة وعلى مستوى عال لرعايتهم ومتابعة
قضاياهم الصحية والاقتصادية .
من منا لم يشاهد في فيلم عمر المختار ضابطا ايطاليا يقدم التحية للثائر عمر المختار
بعد أعدامة وهو من اعدائة ولم يذرف الدموع .
هل أصبح أسرانا طي النسيان وقضيتهم متعلقة بمزاجية فرد أو مسئول . هل أصبحت ملفاتهم
غائبة ومقفل عليها واكل الزمان عليها وشرب .
كفانا شعارات ... كفانا تحيات لقد أصبح كل أسير مليونيرا في التحيات بالوقت الذي
تغيب به لقمة العيش . شاخ أسرانا ولم تشخ عزيمتهم فالمعنوية مبدأهم والأمل يراودهم
باشراقة شمس فجر يزف لهم خبر التحرر من الاحتلال ومن الفاقة .
حقا لقد أصبحت أمجادنا حزينة ... وأننا في اسؤا أيامنا .
|